تحتفل الأسر الجزائرية الليلة بعيد مولد النبي صلى الله عليه وسلم باعداد المأكولات التقليدية والحلويات في اطار مظاهر احتفالية بهيجة وعادات أصيلة حافظ عليها الجزائريون منذ
عقود.
ويولي الجزائريون المتمسكين بماضيهم وقيمهم الاجتماعية أهمية كبرى لهذا اليوم الذي يتيح لهم فرصة سانحة لتجميع أفراد العائلة والاحتفال اليوم بالعديد من الطقوس.
وتقوم العائلات الجزائرية بالتفنن في طهي طبق (الرشتة) و(الكسكسي) المزود بالدقيق والدجاج فضلا عن اعداد طبق شعبي يسمى (الشخشوخة) و(الثريد) المعروف بمناطق عديدة في الجزائر والمحضر بلحم الغنم أوالبقر.
وتحرص الأسر الجزائرية على اعداد حلوى (الطمينة) التي لا يستغنى عنها في مثل هذه المناسبة وهي حلوى تصنع من الدقيق الخشن الذي يضاف اليه العسل والزبدة وتقدم في أطباق تزين ببعض المكسرات.
وتتبادل العائلات مختلف وأصناف المأكولات والحلويات فضلا عن تبادل الزيارات واقامة السهرات العائلية في هذه الليلة.
وتقول السيدة سعدية البالغة من العمر 56 عاما في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) ان عيد المولد النبوي فرصة لصلة الرحم بين الناس وبين العائلات ومناسبة للفرح في قلب كل أسرة جزائرية.
وتشير الى انتهاز بعض العائلات الفرصة لختان أولادها اذ يرتدي الأطفال اللباس التقليدي الذي تشتهر به كل منطقة وتقوم الأمهات في ليلة المولد بتخضيب أيادي أطفالهن بالحناء واشعال الشموع والمفرقعات.
وتنتهز بعض العائلات الثرية في الجزائر الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف لاطعام الفقراء والمساكين وتزيين المساجد واقامة حفلة (حلقات الذكر) التي يكثر فيها ذكر الله والصلاة على الرسول الكريم و توزيع الهبات والجوائز على الأطفال من حفظة القرآن.
من جهة اخرى ينتشر باعة المفرقعات والشموع في الجزائر خلال الفترة التي تسبق الاحتفال بالمولد وهي من المظاهر المترسخة في أذهان الجزائريين منذ سنوات.
ويعتبر الباحث في التاريخ الجزائري محمد البشير سلامي في تصريح ل(كونا) ان الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف يعد من مظاهر الاحتفالات الدينية في الجزائر خاصة مع حفاظ الأسر الجزائرية عليه من جيل الى جيل حتى خلال الفترة الاستعمارية.
ويوضح أن احياء ذكرى مولد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام في 12 ربيع الأول من كل سنة هجرية في الجزائر وسيلة من وسائل الدفاع عن هوية الشعب الجزائري وقيمه ودينه خاصة في فترة الاستعمار الفرنسي.
ويذكر سلامي أن احياء هذه المناسبة في تلك الفترة المظلمة كان بفضل الزوايا (المدارس الدينية) التي حافظت على الدين الاسلامي والأعياد الدينية التي تربط الجزائري بهويته الاسلامية خاصة أمام المد الثقافي الفرنسي الذي حاول من خلاله المستعمر تضليل عقول الجزائريين.
ويؤكد استمرار الشعب الجزائري في احياء هذه المناسبة التي شكلت مظهرا من مظاهر تمسكهم بهويتهم وذلك على الرغم من من سيطرة المستعمر ومحاولته طمس الهوية الجزائرية.
ويعتبر الباحث الجزائري أن أول ناد لكرة القدم أسسه الجزائريون في عهد الاستعمار الفرنسي حمل اسم (المولودية) لتأسيسه بمناسبة المولد النبوي الشريف في عام 1921 اذ مازال ينشط حتى الآن في الدوري الجزائري.
ويشير الى محاولة السلطات الاستعمارية الفرنسية فرض منطقها على الجزائريين عبر فرض الأعياد المسيحية عليهم خلال حقبة تجاوزت القرن و32 سنة كاملة.
ونقول ان عيد المولد النبوي الشريف يعد احدى المناسبات للتعريف بقصة ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم